Pages

    Friday, 21 March 2014

    كيف كنا وكيف اصبحنا ... الطيران



    الكثير من الغربيين بل حتى ابناء جلدتنا من العرب يضنون ان اول من قام بمحاولة طيران هما الاخوة رايت ، ولكن الحقيقة هي ان اول من قام بمحاولة طيران هو عباس بن فرناس.
    والأسم الكامل له هو أبو القاسم عباس بن فرناس بن فرداس.
    غير ان الغريب في قصة هذا الرجل هو أن العديد من الناس يظنون ان عباس بن فرناس هو شخص مجنون ولكن الحقيقة انه مخترع و فيلسوف و شاعر اندلسي من قرطبة وكان له اهتمامات في الرياضيات و الفلك و الكيمياء و الفيزياء.

    وقبل ان نتكلم على محاولته للطيران نعرج على انه كانت له اختراعات عديدة كالساعة المائية و سماها الميقات ، وهو اول من وضع تقنية التعامل مع الكريستال و صنع العديد من ادوات مراقبة النجوم و هو اول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة.
    أما بالنسبة لمحاولته للطيران ، فقد كان لدى عباس ابن فرناس حلم في الطيران حيث كان يتأمل الطيور ويقرأ القران و يكثر من قوله تعالى   ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾ سورة الملك {19}
    ويقرأ عن ايات التدبر و التفكر في الكون و في خلق الله.

    وبعد مدة خرج بفكرة انه اذا كانت الطيور يمكن لها الطيران فهذا المبدأ قد شرعه الله تعالى في الكون ويمكن تعميمه، وعلى هذا اذا استطعنا معرفة كيفية قدرة الطير على التحليق يمكن لي ان اطير ايضا.
    وبعد مدة قام بأول محاولة للطيران ولكنه سقط مباشرة  ونجى من الاصابة.

    اما المحاولة الثانية فقد درس علوم اخرى و خطط اكثر و اكثر ثم حاول ان يطير بعد تجربته الاولى بــ 20 سنة ، ولكن المدهش في القصة ان التجربة الثانية كان عمره 65 سنة ، فجمع الناس و قام بمحاولته الثانية فصعد في مرتفع وقذف بنفسه فطار في الفضاء مسافة بعيدة عن مكان القفز و الناس متعجبون منه ، و عندما  هبط على سطح الارض ارتكب خطأ وهو انه أهمل ان الطائر يعتمد على ذنبه عند النزول فلم يركب ذنب لطائرته .
    فأصيب في ظهره وقيل أصيب  بكسر في يده ولكنه لم يمت وهذا هو لب القضية فالعديد منا يعتبر ان ابو القاسم قد مات وهذا من المغالط ومن جهلنا بأمورنا وبتاريخنا الذي هو أحق بأن يعرف وان يفهم وان يستدل به.

    بعد 400 سنة تقريب جاء رجل اخر من اسطنبول وقام بعملية طيران ناجحة وكان اسمه احمد شلبي، وقد جرت احداث هذه ا لواقعة في القرن 17 تقريبا و طار مسافة لا بأس بها ولم يمت.
    وبعدها بدئ العرب في التقهقر و التراجع في هذا المجال وبدأ الغرب في التطور و محاولات النهوض من جديد.

    أما اليوم فأننا نلاحظ شركات اوروبية و غيرها قد سيطرة على هذه السوق و نحن العرب نشتري فقط ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : الى متى سيستمر هذا الحال ؟ أين هم أحفاد احمد شلبي و عباس ابن فرناس ؟ اين ذهبت علومهم ؟ و جهودهم وسهرهم؟

    لكن اللوم ليس عليا انا او عليك انت ،  اللوم على مجموعة كبيرة من البشر منذ القديم الى يومنا هذا ، اللوم علينا كلنا اننا لم نحفظ هذه العلوم وهذه الحضارة ولم نعمل على تطويرها ودفعها للأمام ،غير اننا اذا اتبعنا هذا الكلام و اخذنا بسياسة اللوم انت تقول هذا وذلك يقول انت فلن نتقدم بل سنزداد تأخر الى جانب  تأخرنا.

    ان التطور الذي بلغه المسلمون في هذا المجال هو بسبب دمج الدين مع العلم .

    فقد اصبحنا اليوم في وقت اذا تدين و ترهب فيه الواحد منا  فأنه  يبتعد عن كل العلوم و يعتبرها كفرا وزندقة و هراء ، ولكن الحقيقة ان هذا الفكر و التوجه هو الكفر بعينه.

    أرجوا ان يكون هناك رجال بمعنى الكلمة مع العلم ان كلمة رجال في اللغة العربية تطلق  حتى على النساء  بمعنى واحد، فيكونوا قادرين على اشعال فتيل الحضارة من جديد وإعادتها لما كانت عليه وحتى نعود لما كنا فلن يتم هذا بالكلام والتعليق على الاحداث بل بمواجهة كل الصعاب والمتاعب واعلم ان المجد ليس تمر انت اكله.


    كتابة: عامرشافع

    Wednesday, 27 November 2013

    كلمة



    ما أجمل الكلام حين يكون نقياً عذباً طاهراً غنياً بالألفاظ الجميلة و الممتعة   وبذلك يتمكن الإنسان من تحسين علاقاته و تحقيق غايته من هنا سنبحر في موضوع غايته تلطيف الكلام و تحسين الحياة و تحقيق الرخاء بين الناس و الشعوب ،وأصل فكرة هذا الموضوع تعود الى برنامج يقدمه الداعية مصطفى حسني في إذاعة نجوم FM المصرية ، فأعجبني الموضوع و أردتُ أن أنقله لكم بمنظوري و زاويتي  الخاصة ، رحلة ممتعة .

    كم هو تأثير الكلام في النفوس ،كلمة تفرحك و كلمة تحزنك،كلمة تحمسك و كلمة تحبطك ،كلمة تفتح بيت و كلمة ثانية سلبية تكون سبب في الفراق ،لسانك مثل الأسد لو أمسكته حرسك و لو أطلقته أفترسك.

    و التاريخ سجل لنا كلام ملهم  صنع أمم و حضارات و كلامات ثانية بسببها قامة حروب و أزهقت أرواح .

    سنلتقي في كل مرة مع كلمة نتأمل فيها و نفهمها ونتعلم منها، لو فيها خير نتركها في كلامنا و لو فيها شر ننساها تماماً  و نتخلص منها ، سنلتقي في كل مرة مع كلمة...

    أشهر شيء يعمله الإنسان هو الكلام، لا يوجد إنسان يتعب من الكلام ، بالكلام تعبر عن شخصيتك ،قديما العرب  قالوا تكلم لأعرفك، و الواقع أثبت أن الكلمة لها تأثير كبير في النفوس ، مرة تسمع كلمة ملهمة تشعل حماسك و مرة ثانية تسمع كلمة محبطة تنزع الأمل من قلبك ، مرة تقول كلمة تكسب بها ثقة الناس و كلمة ثانية تقولها تسقط بها من عيونهم كلمة ترفعك سابع سماء و كلمة أخرى تندم عليها كل عمرك ،كلمة تشجع بها إنسان تتركه يعمل أكثر و يعيش و هو كله حماس و يكمل يومه و هو سعيد و كلمة تجرحه جرح يعيش معه طول عمره،ورب جرح كلام أوجع من ضرب الحُسام ، و الحُسام هو السيف ، في بعض الأحيان جرح الكلام يؤلم أكثر من ضرب السيف .

    الحب يبدأ بكلمة ،الزواج بكلمة، والفراق أيضا بكلمة ،هناك حروب قد حصلت على مر التاريخ بسبب كلمة راح فيها ألاف الأرواح، رضى الله و الدخول للجنة ممكن يحصل بكلمة قال صلى الله عليه و سلم( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا )رواه أبو هريرة.

    سخط الله و النار ممكن تحدث بكلمة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، لا يلقي لها بالا ، يرفع الله بها درجات ...)رواه أبو هريرة

    كل هذا بكلمة ،الكلمة مرتبطة بأيمان الإنسان و إحساسه بوظيفته  في الدنيا بل إحساسه بربه ،ولأن الله ربطها بالعقيدة قال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت) رواه البخاري ومسلم

    الكلمة التي فيها خير مرتبطة بإيمانك و أحترامك لله الذي هو يسمعك و الكلمة المؤدية الجارحة التي كلها شر تقول لك أنك أنت عندك أشكالية في أيمانك و هذا بنص كلام سيدنا محمد ربط الكلمة بالإيمان ،بل أن الله سبحانه و تعالى جعل الكلمة مثل المال ،فلو أصبحت علي بكلمة جميلة كأنك أعطيتني الكثير من المال و أسعدتني  (الكلمة الطيبة صدقة) أنت أسعدتني كأنك تصدقت علي بكلمتك الجميلة.

    العاقل لسانه وراء قلبه قبل أن يتلكم الكلمة تمر على قلبه و عقله يقيمها قبل أن تخرج لأنها لو خرجت لا تنفع أن تعود،أما الأنسان الشقي الفاقد لعقله  يرمي كلامه مثل السهم المسموم  يجرح و يحبط و يكسر ...

    ولهذا في كل مرة نحن مع كلمة ،كلمة ملهمة ،أو كلمة سلبية محبطة ،ممكن تكون كلمة مشهورة نقولها دائماً نتأمل فيها ،نرى أثراها الإيجابي أو السلبي على أنفسنا و مجتمعاتنا،أو ممكن الكلمة تكون جملة لان العرب يطلقوا على الجملة أو الحديث الطويل كلمة ، فممكن نأخذ كلمة ملهمة مشهورة لأحد الأدباء المشهورين أو أية في القران الكريم نفهم معناها و مراد الله منها،أو حديث لنبي من الأنبياء نعيشه و نتعلم منه  لكن كل مرة كلمة نتأمل فيها ونفهم معناها و ونعرف تأثيرها على نفوسنا،لان سلامة الإنسان في سلامة اللسان .

    ويارب في كل مرة نلتقي مع كلمة نتأمل فيها و نتعلم منها لو إيجابية نتركها دائماً في لساننا و لو سلبية هدامة نعد الله تعالى انها لن تأتي على لساننا و لا على قلوبنا مرة أخرى .

    فيارب نقي قلوبنا وألسنتنا من كل ما يؤذي ويجرح أو يهدم و املئ ألسنتنا و قلوبنا بكل ما يبني و يسعد و يكرم و نلتقي المرة القادمة مع كلمة و ربُنا معاكم.
     
     
     
    كلمة
     
     

    ما أجمل الكلام حين يكون نقياً عذباً طاهراً غنياً بالألفاظ الجميلة و الممتعة   وبذلك يتمكن الإنسان من تحسين علاقاته و تحقيق غايته من هنا سنبحر في موضوع غايته تلطيف الكلام و تحسين الحياة و تحقيق الرخاء بين الناس و الشعوب ...

    كم هو تأثير الكلام في النفوس ،كلمة تفرحك و كلمة تحزنك، كلمة تحمسك و كلمة تحبطك ،كلمة تفتح بيت و كلمة ثانية سلبية تكون سبب في الفراق ،لسانك مثل الأسد لو أمسكته حرسك و لو أطلقته أفترسك.

    و التاريخ سجل لنا كلام ملهم  صنع أمم و حضارات و كلامات ثانية بسببها قامة حروب و أزهقت أرواح .

    سنلتقي في كل مرة مع كلمة نتأمل فيها و نفهمها ونتعلم منها، لو فيها خير نتركها في كلامنا و لو فيها شر ننساها تماماً  و نتخلص منها ، سنلتقي في كل مرة مع كلمة...

    أشهر شيء يعمله الإنسان هو الكلام، لا يوجد إنسان يتعب من الكلام ، بالكلام تعبر عن شخصيتك ،قديما العرب  قالوا تكلم لأعرفك، و الواقع أثبت أن الكلمة لها تأثير كبير في النفوس ، مرة تسمع كلمة ملهمة تشعل حماسك و مرة ثانية تسمع كلمة محبطة تنزع الأمل من قلبك ، مرة تقول كلمة تكسب بها ثقة الناس و كلمة ثانية تقولها تسقط بها من عيونهم كلمة ترفعك سابع سماء و كلمة أخرى تندم عليها كل عمرك ،كلمة تشجع بها إنسان تتركه يعمل أكثر و يعيش و هو كله حماس و يكمل يومه و هو سعيد و كلمة تجرحه جرح يعيش معه طول عمره،ورب جرح كلام أوجع من ضرب الحُسام ، و الحُسام هو السيف ، في بعض الأحيان جرح الكلام يؤلم أكثر من ضرب السيف .

    الحب يبدأ بكلمة ،الزواج بكلمة، والفراق أيضا بكلمة ،هناك حروب قد حصلت على مر التاريخ بسبب كلمة راح فيها ألاف الأرواح، رضى الله و الدخول للجنة ممكن يحصل بكلمة قال صلى الله عليه و سلم( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا )رواه أبو هريرة.

    سخط الله و النار ممكن تحدث بكلمة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، لا يلقي لها بالا ، يرفع الله بها درجات ...)رواه أبو هريرة

    كل هذا بكلمة ،الكلمة مرتبطة بأيمان الإنسان و إحساسه بوظيفته  في الدنيا بل إحساسه بربه ،ولأن الله ربطها بالعقيدة قال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت) رواه البخاري ومسلم

    الكلمة التي فيها خير مرتبطة بإيمانك و أحترامك لله الذي هو يسمعك و الكلمة المؤدية الجارحة التي كلها شر تقول لك أنك أنت عندك أشكالية في أيمانك و هذا بنص كلام سيدنا محمد ربط الكلمة بالإيمان ،بل أن الله سبحانه و تعالى جعل الكلمة مثل المال ،فلو أصبحت علي بكلمة جميلة كأنك أعطيتني الكثير من المال و أسعدتني  (الكلمة الطيبة صدقة) أنت أسعدتني كأنك تصدقت علي بكلمتك الجميلة.

    العاقل لسانه وراء قلبه قبل أن يتلكم الكلمة تمر على قلبه و عقله يقيمها قبل أن تخرج لأنها لو خرجت لا تنفع أن تعود،أما الأنسان الشقي الفاقد لعقله  يرمي كلامه مثل السهم المسموم  يجرح و يحبط و يكسر ...

    ولهذا في كل مرة نحن مع كلمة ،كلمة ملهمة ،أو كلمة سلبية محبطة ،ممكن تكون كلمة مشهورة نقولها دائماً نتأمل فيها ،نرى أثراها الإيجابي أو السلبي على أنفسنا و مجتمعاتنا،أو ممكن الكلمة تكون جملة لان العرب يطلقوا على الجملة أو الحديث الطويل كلمة ، فممكن نأخذ كلمة ملهمة مشهورة لأحد الأدباء المشهورين أو أية في القران الكريم نفهم معناها و مراد الله منها،أو حديث لنبي من الأنبياء نعيشه و نتعلم منه  لكن كل مرة كلمة نتأمل فيها ونفهم معناها و ونعرف تأثيرها على نفوسنا،لان سلامة الإنسان في سلامة اللسان .

    ويارب في كل مرة نلتقي مع كلمة نتأمل فيها و نتعلم منها لو إيجابية نتركها دائماً في لساننا و لو سلبية هدامة نعد الله تعالى انها لن تأتي على لساننا و لا على قلوبنا مرة أخرى .

    فيارب نقي قلوبنا وألسنتنا من كل ما يؤذي ويجرح أو يهدم و املئ ألسنتنا و قلوبنا بكل ما يبني و يسعد و يكرم و نلتقي المرة القادمة مع أول كلمة.
     
     
     
     
    كتابة : عامر شافع (Chafa Ameur)
     

    Thursday, 14 November 2013

    وجهة نظر تحتمل الخطأ ... ولما لا الصواب



    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال : (أمك) ، قال: ثم من؟ قال : (أمك) ، قال: ثم من؟ قال : (أبوك) متفق عليه .
    من خلال هذا الحديث نجد أن رسول الله ص قد انزل الام مكانة عظيمة و قد قدمها على الاب بثلاث مراتب و هذا حين قال للرجل أمك ثم امك ثم امك و هذا ان ذل على شئ انما يدل على المكانة الشريفة و الجليلة التي أودعها الله تعالى للأم .
    يقول الشاعر حافظ إبراهيم:
    الأم مــدرسـة إذا أعــددتـهـــا       أعـددت شعبا طيب الأعــراق
    الأم روض إن تعهــده الحيـــا    بالـــريّ أورق أيمـــا إيــــراق

    الأم أستــاذ الأساتــذة الألــــى     شغلت مآثرهم مدى الآفـــــاق

    من هذا المنطلق قررت ان اتكلم في موضوع يعتبر حساس و خاصة  لدى بعض الاشخاص و لكن لا خيار املكه فهذا هو الحال الذي يعيشه العديد من الناس.
    أنها مشكلة الاخلاق ،فحالنا المعاش هذه الأيام يعكس لنا أخلاق غريبة قد استحدثت في مجتمعاتنا ، فأبائنا و اجدادُنا لم يعيشوها ولم يسمعوا بها أبدا ، و من خلال المقدمة المتواضعة التي طرحتها راودتني العديد من الاسئلة.
    فيا ترى هل الفساد الحاصل في المجتمع سببه الام؟ أو هل يمكن القول بأن الام هي الحجر الاساسي في حياتنا؟ هل ياترى أن كل ما يحدث من أخلاق في مجتمعاتنا هو سببه عدم تمكن الام من التربية السليمة لهذا الجيل؟ و قبل أن نجيب عن هذه الأسئلة سنأخدكم في جولة صغيرة عبر الحضارة الغابرة.
    لقد سجل لنا التاريخ مواقف أكثر من رائعة صنعت فيها الام رجال مهدوا لحضارات وأسسوا مناهج سليمة أصبحت تتبع اليوم و ومن الامثلة التي تراودني الان هي أم الامام أحمد حيث يروى بأن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه قال :
    كانت أمي توقظني قبل صلاة الفجر وتسخن لي الماء ، وأنا ابن عشر سنوات، ثم كانت تذهب بي إلى المسجد ؛ لأن المسجد بعيد، ولأن الطريق مظلمة


    ومن خلال بحثي أيضا وجدت مثالا أكثر من رائع للأمام الشافعي رضي الله عنه ، فقد حكى الأمام الشافعي عن أمة أنها شهدت عند قاضي مكة هي و امرأة أخرى ، فأراد أن يفرق بينهما امتحاناً لهما ، فقالت له أم الشافعي : ليس لك ذلك لأن الله تعالى قال [ لأَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا اُلأُخرَى]البقرة : 282 هذه أم الشافعي ، فكيف بابنها؟ أم الشافعي ، إنها حقاً أم عظيمه ، سجل التاريخ موقفها و كلامها ، يوم أن ذهبت مع ابنها إلي مكة و قالت : يا بُني مات أبوك ، وإننا فقراء ، وليس لنا مال ، و إني لن أتزوج من أجلك ، وقد نذرتك للعلم ، لعل الله يجمع بك شمل هذه الامة. أرسلت الأم ابنها النجيب إلي الكتاب ليتعلم القراءة و الكتابة ، و يحفظ القرآن و يجيد التجويد . في البداية يهمله المعلم لفقره ، و لأنه لا يدفع ثمن تعليمه . ذهب الشافعي إلى أمه حزينا يبكي و يقول لها : لا أرغب في الذهاب إلى ذلك الكتاب . فقالت له أمه : يابني اذهب و تحايل للعلم .

    سألها : كيف ؟

    قالت : إذا وجدت المعلم يعلم أبناء الأغنياء فاجلس بجوار الغني ، و استمع دون أن تشعر المعلم بأنك تضيق عليه . يقول الشافعي : ففعلتها مرة و اثنين و ثلاثا ، أدخل بأدب فلا يشعر بي المعلم ، وأستمع له حتي أجدت ما يقوله ، فكان المعلم إذا قام ، أحل محله و أشرح لهم ، فيأتونني ويقولون : يا شافعي اشرح لنا هذه .
    و كان عمره خمس سنوات ، فيأتي المعلم فينظر فيجده يعلم التلاميذ .

    ووجد المعلم أن المنطقة المشتركة أصبحت موجودة ، فهذا الفتي يساعده في تعليم الأولاد و يتيح له بعض الراحة مقابل أنه لا يأخذ منه مالاً مقابل تعليمه.

    يروي الشافعيّ لنا نشأته فيقول : [ كنت يتيماً في حجر أمّي و لم يكن لها ما تعطيني للمعلّم ، وقد رضي منّي أن أقوم على الصبيان إذا غاب و أخفّف عنه ، و حفظت القرآن و أنا ابن سبع سنين ، و حفظت الموطّأ و أنا ابن عشر ، ولما ختمت القرآن دخلت المسجد فكنت أجالس العلماء و أحفظ الحديث أو المسألة و كان منزلنا في شعب الحيف ، ما كنت أجد ما أشتري به القراطيس فكنت آخذ العظم و أكتب فيه و أستوهب الظهورأي الرسائل المكتوبة – و أكتب في ظهرها].

    وروي الربيع بن سليمان أنّ الشافعي رحمه الله كان يفتي و له خمس عشرة سنة وقد أجازه مسلم بن خالد الزغبي مفتي مكّة و عالمها ، حيث قال له :

    يقول الشافعي : فعدت إلى أمي أقول لها : يا أماه تعلمت الذل للعلم و الأدب للمعلم .

    قبل أن يذهب الشافعي لمقابلة محمد بن الحسن أستاذ مدرسة العراق و تلميذ أبي حنيفة اشترى بكل ما يملك من مال (50ديناراً) كل كتب أبيِ حنيفة و محمد بن الحسن و قرأها حتي يستعد لذلك اللقاء. عندما ذهب إلى الصحراء ليعيش فيها أربع سنوات مع قبيلة هذيل، فقالت له أمه: يا بني إنك ستبقي هناك سنوات ، و إني أخشى عليك أن تسأم، ولذلك أوصيك بالرياضة ، حتى لا تسأم ، و حتي لا تختلف عن أقرانك.

    يقول فلما ذهبت كان همي في أمرين : الرمي و تعلم العلم ، فحفظت عشرة آلاف بيت من الشعر ، وكنت في الرمي أصيب الأهداف جميعاً. قام الشافعي بتأليف 140 كتاباً ، منها كتاب عنوانه : رياضة الرمي

     قال العلماء : كان الشافعي يكلمنا بلغة تقول ما أعظم هذه اللغة إنها تستعصي علينا ، فإذا جلس إلى العامة في درسه أو كتب في كتابه قام بتبسيط اللغة لكي يفهمها الناس ،وكان الشباب في مصر يحبون الشافعي كثيراَ ، لأنه يلعب الرياضة. قيل للشافعي : يا عبد الله قال النبي ، كذا و كذا ، فما قولك أنت؟

    فغضب الشافعي غضباً شديداً وقال : سبحان الله ؛ أتراني خارجاً من كنيسة؟ أتري على و سطي زناراً ؟ تقول لي : قال رسول الله وما قولك أنت ؟ ما أقول إلا قول رسول الله .
    وذات يوم خرج الشافعي في أحد أسفاره ضمن قافلة ، و إذا بقطاع الطريق قد خرجوا عليها يريدون من فيها ، فسألوا كل واحد منها عما معهم من مال و متاع ، فأنكروا أن يكون معهم شئ ، وعندما حان الدور بسؤال الشافعي قال لهم : إن معي مالاً ثم أخرجه من جعبته ، فتعجب قائد اللصوص من مسلكه وفعله ، و قال له أيها الفتي ما الذي حملك علي فعلك فقد كنت من الممكن أن تنجو بمالك ؟
    فقال له الشافعي لقد عاهدت أمي علي الصدق و وفاء لعهدها صدقتكم القول و الحديث . فقال قائد اللصوص متعجباً : أمك غائبة و تحفظ عهدها ! ثم أعلن توبته و قال له : إن عهد الله أولى بالوفاء ، و أمر من معه برد ما نهبوه من القافلة إلى أهلها .
    و هكذا أثمرت التربية الحسنة قوة في الرأي و ثباتاً في الحق ، و صلابة في الشدة فأخرجت الشافعي فتى شاباً يافعاً يحفظ العهد و الوفاء لأمه حاضرة و غائبة ، ويترجم بمسلكه عن صلاح التربية في الصغر فكانت مثالاً و عنواناً للإنسان في الكبر ، و لا غرابة في ذلك فإن أم الشافعي هي التي مرنته علي التربية و آدابها ، كما و هبته للعلم و دروسه حيث كانت تعيش في مكة و أرسلت الشافعي ليتلقى العلم و دروسه بين يدي إمام دار الهجرة مالك بن أنس في المدينة
    ومماجاء في الاثر عن أم الامام الشافعي أنه من شدة فقره لم يكن يملك الورق ليكتب عليه .. ذهب إلى أمه يشتكي..فقالت له لا عليك يا بني..وذهبت به إلى ديوان الملك حيث يقوم المدون بكاتبة ما يريد ثم يرمي الورق .. فكانت تاخذ الورق المرمي و تحضره لإبنها ليكتب عليه من الخلف ..و قد كانت أمه إذا يتصدقون عليها الأغنياء تطلب أن يتصدقوا عليها بالورق.
    أعلموا أن الامثلة كثيرة و القصص عديدة  فيما يتحدث عن عظمة الام و كيف صنعت رجالا وما ذكرنا القليل الا لنذل على الكثير.
    أنه ومن خلال وجهة نظري المحدودة أقول أنه وراء كل رجلا عظيم أم عظيمة وليس كما ينتشر بيننا أنه وراء كل رجل عظيم زوجة عظيمة وهذا لأن الرجل هو من يصنع الزوجة و ليس العكس ولكن على الرغم من كل هذا لا يمكن ان ننكر فضل الزوجة.
    إن الام هي مدرسة الحياة وفلسفة الوجود و أجمل مخلوق وأحسن صديق و أفضل صاحبة ولو خيرونا بكنوز  الدنيا ما فرطة في شعرة منك يا أمي
    أعلم ان السبب الرئيسي وراء هذا التراجع الغريب و التقهقر الظاهر للمجتمعات راجع بدرجة أولى الى الأم ، لأنها هي من التي تملك القدرة على صهر واذابة حديد القلوب و تكسير صلابتها و الغوص بين ظلمتها و انتزاع سوادها و اظهار بياضها ، وقادرة على صناعة العقول و ترجمة المكبوة و اظهار محاسن الأمور
    وأعلم أيضا أنه  لو سألوك  من هو أعظم مخلوق في هذه الدنيا  يضحي بحياته من أجلك فلا تقول أنه ذلك الجندي الانتحاري أو رجل الحماية الدي يدفع بنفسه من أجلك أو ذلك الطيار او الجندي على الحدود كل هذه أجوبة خاطأ و انما الجواب الصحيح هو الام
    نعم أنها الأم ، تلك المخلوق الرقيق الجميل الذي جعل الله الجنة تحت أقدامها و جعلَ  اصلاح المجتمع يتم من خلالها أولاٌ، لانهُ كما قلنا و مازلنا نقول أنه المدرسة الاولى
    و لكن المصيبة التي ارتعشُ من التكلم فيها هي اذا كانت الأم أصلا ليست صالحة فماذا سيكون حال المجتمع؟
    الجواب سيجرح العديد منكم و لكن كما قلت مثل هذه الامور يجب أن نتكلم فيها و ان نعمل على اثارتها حتى نداوي المجتمع .
    الجواب يكمن في داخلكم، لهذا  فلينظر كل واحد منكم الى الواقع المعاش لينظر الى الأخلاق ، الى المعاملات ، الى الاقرب فالاقرب وليجيب نفسه بنفسه  ، و لكن لا يجب أن ننسى أن هناك أقليةً قد أختفت بين الحشود وهي الأن تقترب من الظهور، وأعلموا أن تلك الأقلية هي من ستحدث التغيير أنشاء الله.



    كتابة : عامر شافع